أشعر بتشتت كبير، لا أستطيع التركيز في عملي، أعاني المغص الشديد، كما لا أستطيع النهوض بسبب آلام مفاصلي، لماذا تتساقط خصلات شعري أمامي هكذا؟ وما تلك البقع الحمراء التي ظهرت على جلدي؟، لا تزال تلك الأسئلة تدور في ذهني حتى زرت الطبيب يومًا، وأخبرني أنني أعاني أمراض المناعة الذاتية.
ما هي أمراض المناعة الذاتية (Autoimmune diseases)
- يمكن تعريف أمراض المناعة الذاتية بأنها حالة يهاجم فيها الجهاز المناعي الجسم عن طريق الخطأ.
- يعمل الجهاز المناعي عادة على حماية الجسم من الجراثيم مثل: البكتيريا، والفيروسات؛ إذ يستشعر جهاز المناعة الأجسام الغريبة ويُرسل لها جيشًا من الخلايا القاتلة لمهاجمتهم والقضاء عليهم.
- يتمكن الجهاز المناعي من التمييز بين خلايا الجسم والخلايا الغريبة التي تهاجم الجسم مسببة له العديد من الأمراض.
- يخطئ الجهاز المناعي في الأمراض المناعية في التمييز بين خلايا الجسم الطبيعية والأجسام الغريبة لذا يهاجم الجهاز المناعي في أمراض المناعة الذاتية جزءًا من جسم الإنسان مثل الجلد أو المفاصل، وهو إلى ذلك يعمل على إطلاق بروتينات تسمى الأجسام المضادة التي تهاجم الخلايا السليمة.
- تستهدف بعض أمراض نقص المناعة الذاتية عضوًا واحدًا فقط، كما هو الحال في مرض السكري الذي يؤثر على البنكرياس، بينما يؤثر مرض الذئبة الحمراء (SLE) على جميع أجهزة الجسم.
أنواع أمراض نقص المناعة الذاتية
تتنوع أمراض المناعة الذاتية، ولعل أبرز هذه الأمراض:
-
مرض التهاب المفصل الروماتويدي
ينتج الجهاز المناعي أجسامًا مضادة تلتصق بالأغشية المبطنة للمفاصل، وبعد ذلك تهاجم خلايا الجهاز المناعي المفاصل مسببة لها العديد من الآلام والالتهابات.
إذا تُركت هذه الحالة دون تدخل علاجي، فمن الراجح أن يُسبب التهاب المفاصل تلفًا تدريجًا دائمًا في المفصل.
-
مرض الذئبة الحمراء (SLE)
تلتصق الأجسام المضادة بأنسجة الجسم المختلفة، فيؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالعديد من الأعضاء كالرئتين، والمفاصل، وخلايا الدَّم، والكلى.ومن أعراض الإصابة بمرض الذئبة الحمراء التعب، والإرهاق، والطفح الجلدي.
-
الصدفية (Psoriasis)
تتضاعف خلايا الجلد بسرعة كبيرة في الصدفية وهذه الخلايا الاضافية تكون على شكل بقع حمراء ملتهبة ولها قشور بيضاء إلى فضية على طبقة الجلد الخارجية.
في حوالي 30% من حالات الصدفية يحدث أيضاً ألم و تورم وتصلب في المفاصل، وهذه الحالة تسمى التهاب المفاصل الصدفية.
-
مرض التهاب الأمعاء (IBD)
في هذا المرض يهاجم الجهاز المناعي بطانة الأمعاء؛ مما يُسبب نوبات الإسهال المتكررة، كما يُسبب العديد من الأمراض مثل نزيف المستقيم، آلام البطن، وفقدان الوزن.
يختلف مرض التهاب الأمعاء حسب الجزء المصاب من الأمعاء:
-
مرض كرون
يصيب الالتهاب أي منطقة من الأمعاء (من الفم وحتى الشرج).
-
التهاب القولون التقرحي
يؤثر فقط على بطانة الأمعاء الغليظة والمستقيم.
يمكن للأدوية المثبطة للمناعة أن تعالج التهابات الأمعاء.
-
داء السكري (Diabetes Type 1)
تهاجم الأجسام المضادة في النوع الأول من داء السكري الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، مما يؤدي إلى تدميرها بشكل كامل؛ لذا يحتاج مصابي النوع الأول من السكري إلى حقن الأنسولين للبقاء على قيد الحياة.
-
متلازمة سجوجرن (Sjogren’s Syndrome)
يحدث إصابة في الغدة التي توفر التشحيم للعين والفم، تعد السمة المميزة لهذه المتلازمة هي جفاف العين وجفاف الفم ولكن قد يحدث أيضاً إصابات المفاصل والجلد.
-
التهاب الأوعية الدموية الذاتية (Autoimmune Vasculitis)
يحدث التهاب الأوعية الدموية عندما يهاجم جهاز المناعة الأوعية الدموية، الالتهاب الناتج يضيق الأوردة والعروق مما ينتج عنه سريان أقل للدم خلالهم.
-
مرض القبور (Graves’ Disease)
هو أحد أمراض المناعة الذاتية، التي تتميز بحدوث اضطراب في الغدة الدرقية نتيجة إفراز العديد من الأجسام المضادة، التي تحفز الغدة الدرقية لإطلاق كمية كبيرة من هرمون الغدة الدرقية (thyroid hormone) في الدَّم.
يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى جحوظ العينين، والعصبية، وسرعة ضربات القلب.
-
مرض الوهن العضلي الوبيل (Myasthenia Gravis)
ترتبط الأجسام المضادة بالأعصاب وتجعلها غير قادرة على تحفيز العضلات بشكل صحيح.
يُعد الضعف الذي يزداد سوءًا مع النشاط هو أهم أعراض مرض الوهن العضلي الوبيل.
اقرأ أيضاً: التهاب الدماغ .. هل هو مرض معدي؟
-
مرض أديسون (Addison’s Disease)
يصيب مرض أديسون الغدة الكظرية وهي المسؤولة عن إنتاج هرمون الكورتيزول والألدوستيرون بالإضافة إلى هرمون الأندروجين، وضعف إنتاج الكورتيزول يؤثر على أسلوب الجسم في استخدام وتخزين الكاربوهيدرات والسكريات، كذلك نقص الألدوستيرون يؤدي لنقص الصوديوم وزيادة البوتاسيوم في مجرى الدم.
وهذا يؤدي إلى أعراض مثل الضعف و التعب، فقدان الوزن ونقص سكر الدم.
-
فقر الدم الخبيث (Pernicious Anaemia)
تتسبب هذه الحالة في نقص البروتين الذي تنتجه الخلايا المبطنة للمعدة وتحتاجه الأمعاء الدقيقة لامتصاص فيتامين B -12 من الطعام، وبدون الكمية الكافية من هذا الفيتامين تحدث الأنيميا وتتغير قدرة الجسم على تخليق حمض نووي سليم.
اقرأ: فيتامين سي .. فوائده في تحسين الذاكرة وعلاج العديد من الأعراض
-
داء هاشيموتو (Hashimoto’s Thyroiditis)
تهاجم الأجسام المضادة الغدة الدرقية وتدمر خلاياها؛ مما يؤدي إلى انخفاض مستوى هرمون الغدة الدرقية في الدم أو ما يعرف بخمول الغدة الدرقية.
يؤدي تناول حبوب هرمون الغدة الدرقية عن طريق الفم إلى تعويض النقص في مستوى الهرمون في الدَّم.
-
مرض الاضطرابات الهضمية (Celiac Disease)
لا يستطيع الأشخاص المصابون بمرض الإضطرابات الهضمية تناول الطعام المحتوي على الجلوتين (بروتين موجود في القمح، والذرة وبعض الحبوب) وحين يتم تناوله ووصوله للأمعاء الدقيقة يهاجم جهاز المناعة هذا الجزء من الأمعاء ويسبب التهابات بها، وتتمثل الأعراض في آلام بالبطن وإسهال.
-
مرض التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis)
يؤثر هذا المرض على الجهاز العصبي، وتشمل أعراضه التنميل، والشلل، وضعف البصر.
أعراض نقص المناعة الذاتية
تتشابه أعراض نقص المناعة الذاتية، بالرغم من اختلاف أنواع أمراض المناعة الذاتية، وتشمل الأعراض العامة لأمراض المناعة الذاتية:
- آلام المفاصل.
- تورم المفاصل.
- آلام البطن.
- اضطرابات الجهاز الهضمي.
- الحمى المتكررة.
- الإعياء.
- تورم الغدد.
- مشاكل البشرة.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- صعوبة في التركيز.
- تنميل ووخز اليدين والقدمين.
- الطفح الجلدي.
- تساقط الشعر.
هذا بالإضافة إلى الأعراض المصاحبة لكل نوع من أنواع أمراض نقص المناعة الذاتية.
أسباب نقص المناعة الذاتية
لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى السبب الرئيسي في اختلال الجهاز المناعي، ومع ذلك فإن بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية من غيرهم.
وفقًا لدراسة أُجريت عام 2014، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال، وغالبًا ما يبدأ المرض خلال سنوات إنجاب المرأة (ما بين 15: 45 عامًا).
يعتقد العلماء أن حدوث أمراض المناعة الذاتية تكون نتيجة:
- عوامل وراثية: تؤدي بعض الجينات التي ينقلها الآباء لأبنائهم إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
- العوامل البيئية: لا يكشف مرض نقص المناعة الذاتية عن نفسه إلا بعد أن ينجم شيء مثل التعرض للسموم أو العدوى أو الأدوية.
- العوامل الهرمونية: نظرًا لارتباط نقص المناعة الذاتية بالنساء في سن الإنجاب؛ لذا فإنه من المحتمل أن تلعب الهرمونات الأنثوية دورًا في حدوث هذا المرض.
تشخيص نقص المناعة الذاتية
يمثل تشخيص أمراض المناعة الذاتية تحديًا خاصًا للأطباء؛ وذلك لأن العديد من الأعراض غير محددة، مما يعني أنها موجودة في مجموعة متنوعة من الأمراض.
إذا اشتبه الطبيب في إصابتك بمرض نقص المناعة الذاتية، سيلجأ إلى العديد من الاختبارات التي تشمل:
- الأجسام المضادة للنواة (ANA).
- العامل الروماتويدي (RF).
- صورة الدم الكاملة (CBC).
- بروتين سي التفاعلي (CRP).
- معدل الترسيب (ESR).
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
- الأشعة السينية.
علاج نقص المناعة الذاتية
لا يمكن علاج اضطرابات المناعة الذاتية عمومًا، لكن يمكن السيطرة على الأعراض في كثير من الحالات، وتشمل أدوية أمراض المناعة الذاتية ما يلي:
- الأدوية المضادة للالتهابات مثل ايبوبروفين.
- الأدوية المثبطة للمناعة مثل الكورتيزون.
- المسكنات مثل الباراسيتامول.
- حقن الأنسولين لعلاج مرض السكري.
بالإضافة إلى العلاج الدوائي، من الراجح أن يساعدك اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة في الشعور بالتحسن.
علاج أمراض المناعة الذاتية بالأعشاب
تعرّف معي -عزيزي القارئ- على أشهر4 أعشاب لعلاج أمراض نقص المناعة الذاتية:
- السرسبريلة
يُعتقد أن سرسبريلة يعالج أمراض المناعة الذاتية عن طريق تنقية الدم وتقليل التهابات المفاصل والعضلات، كما استُخدم سرسبريلة في جميع أنحاء العالم كعلاج عشبي للنقرس، والتهاب المفاصل، والحمى، وأمراض الجهاز الهضمي، والصدفية.
- نبات اليوكا
أثبتت الدراسات أن نبات اليوكا يقلل من تصلب وآلام العضلات، وهو إلى ذلك مفيد أيضًا لأمراض المناعة الذاتية المرتبطة بالجلد.
- السبيرولينا
يُعد السبيرولينا أحد أشهر المكملات الغذائية التي تخفف من أعراض الذئبة الحمراء، وهو أيضًا غني بالفيتامينات والأحماض الأمينية.
- الشاي الأخضر
يتميز الشاي الأخضر باحتوائه على مركبات البوليفينول التي تتسم بالقدرة على تقليل الالتهابات، بالإضافة إلى ذلك أثبتت التجارِب أن الشاي الأخضر يعمل على حماية الفئران من التهاب المفاصل.
اقرأ: القرنفل .. فوائده وأضراره والعناصر الغذائية الموجودة به
لأن العقل السليم في الجسم السليم؛ ينبغي لنا التداوي من جميع أمراض المناعة الذاتية، مهما عانيت الآلام تذكر أنه مهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر.