كنت في زيارة لأحد أصدقائي ذات يوم، وبينما نحن نتبادل الحديث سويًا، إذ ظهرت عليه علامات الحزن والقلق، فسألته قائلًا “ما الذي يزعجك يا صديقي؟”، فأخبرني أن جده يعاني منذ القدم أمراض الجهاز الهضمي، وقد أخبره الطبيب بالأمس بإصابته بـ سرطان القولون.
عزيزي القارئ، أضع الآن بين يديك كل ما تريد معرفته عن هذا الموضوع.
ما هو سرطان القولون؟
- يُعد سرطان القولون نوعًا من أنواع السرطانات التي تحدث في الأمعاء الغليظة (القولون).
- القولون هو المكان الذي يحدث فيه امتصاص الماء والأملاح إلى داخل الجسم، بينما تنتقل الفضلات الضارة من القولون إلى المستقيم وتخرج من الجسم عبر فَتْحَة الشرج.
- يُصيب السرطان عادة كبار السن، ومع ذلك فهو بإمكانه أيضًا أن يحدث في أي عمر، ويمثل ثالث أكثر أسباب الوفاة المرتبطة بالسرطان شيوعًا.
- يبدأ السرطان عادة على شكل كتل صغيرة غير سرطانية (حميدة)، ومع مرور الوقت من الممكن أن تتحول بعض الكتل الحميدة إلى أورام سرطانية.
- يطلق عليه أحيانًا اسم سرطان القولون والمستقيم، وطبقًا لجمعية السرطان الأمريكية، فإن حوالي 1 من كل 23 رجلًا و 1 من كل 25 امرأة من المحتمل أن يصابوا به أثناء حياتهم.
من الضروري أن يعرف طبيبك الخاص مرحلة السرطان التي تعانيها حتى يتمكن من التوصل إلى أفضل طريقة للعلاج، وتشمل مراحل السرطان:
- الصفرية: في هذه المرحلة تكون الخلايا غير الطبيعية فقط في البطانة الداخلية للقولون أو المستقيم.
- الأولى: يخترق السرطان البطانة أو الغشاء المخاطي للقولون، وربما يمتد إلى الطبقة العضلية للقولون.
- الثانية: ينتشر السرطان إلى جدار القولون والمستقيم أو ربما يمتد إلى الأنسجة المجاورة، ولكنه لم يؤثر على الغدد اللمفاوية.
- الثالثة: ينتقل السرطان إلى الغدد اللمفاوية المجاورة للقولون.
- الرابعة: ينتشر السرطان إلى أعضاء أخرى مثل الكبد أو الرئتين.
أسباب سرطان القولون
لم يتوصل الأطباء حتى الآن إلى السبب الدقيق لذلك العرض، ولكنه يبدأ عمومًا عندما تحدث تغيرات و طفرات في الحمض النووي للخلايا السليمة في القولون، حيث يحتوي الحمض النووي للخلية على مجموعة من التعليمات التي تخبر الخلية بما يجب فعله.
تنمو الخلايا السليمة وتنقسم بطريقة منتظمة للحفاظ على عمل الجسم بشكل طبيعي، ولكن عندما يتلف الحمض النووي تخرج هذه العملية عن السيطرة، وتستمر الخلايا في النمو والانقسام بشكل غير منضبط؛ فيُفضي ذلك في النهاية إلى حدوث سرطان القولون.
أعراض سرطان القولون
لا تظهر عادة أي أعراض في المراحل المبكرة من سرطان القولون، إذا كنت تعاني أعراضًا خلال المراحل المبكرة، ربما تشمل هذه الأعراض:
- الإسهال.
- الإمساك.
- تغير لون البراز.
- تغير قوام البراز.
- وجود دَم في البراز.
- نزيف من المستقيم.
- تراكم الغازات.
- المغص الشديد.
أعراض المراحل المتأخرة (أعراض المرحلة الثالثة والرابعة)
- الإرهاق الشديد.
- الضعف العام.
- فقدان الوزن غير المقصود.
- التقيؤ.
- الشعور بعدم إفراغ المستقيم.
- آلام البطن.
إذا انتشر سرطان القولون في أجزاء أخرى من الجسم، من المحتمل أن تعاني:
- اليرقان (اصفرار الجلد والعيون).
- فقر الدَّم أو الأنيميا.
- ضيق التنفس.
- كسور العظام.
- الصداع المزمن.
- الرؤية الضبابية.
من الأكثر عرضة لسرطان القولون؟
تعددت الأسباب المفسرة لظاهرة حدوث سرطان الجهاز الهضمي، ومن هذه الأسباب:
- العمر
تشير الأبحاث إلى أن سرطان الأمعاء يكون أكثر لدى الكبار فوق الخمسين عامًا، كما تزداد احتمالية الإصابة كلما زاد التقدم في السن، ولا سيما الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا.
- العوامل الوراثية
إن وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان القولون لدى قريب من الدرجة الأولى مثل الأب، والأم، والأخوة من الممكن أن يزيد من خطر الإصابة بهذا السرطان.
- النظام الغذائي
لا شك أن اتباع نظام غذائي غني باللحوم الحمراء، والدهون، والكوليسترول يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء؛ لذا توصي وزارة الصحة بعدم تناول أكثر من 70 جرامًا يوميًا.
يؤدي اتباع نظام غذائي غني بالألياف إلى تقليل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء.
- التدخين
الأشخاص الذين يدخنون السجائر أكثر عرضة للإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى العديد من أنواع الأمراض والسرطانات الأخرى مثل أمراض القلب وسرطان الرئة والبروستاتا.
- تناول الكحوليات
أثبتت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من الكحوليات لفترات طويلة يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان القولون.
- زيادة الوزن
ترتبط زيادة الوزن أو السمنة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي؛ لذا يساعد فقدان الوزن في تقليل خطر الإصابة بهذه الحالة.
- اضطرابات الجهاز الهضمي
تزيد الإصابة بمرض التهاب القولون (IBD) بما في ذلك التهاب القولون التقرحي ومرض كرون من فرص الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
- الإصابة بأورام القولون الحميدة
هذه الأورام الحميدة على الجدار الداخلي للقولون والمستقيم ليست سرطانية، لكنها من الممكن أن تؤدي إليها، وهي شائعة إلى حد ما لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.
- الجنس
يُعد سرطان القولون والمستقيم أكثر شيوعُا عند الرجال، الرجال والنساء معرضون بشكل متساوي لخطر الإصابة بهذا السرطان، لكنّ الرجال أكثر عُرضة للإصابة بسرطان المستقيم.
- الخمول والكسل
يؤدي الخمول والكسل إلى زيادة فرص الإصابة بهذا السرطان، ومع ذلك من الممكن أن تؤدي ممارسة الرياضة بانتظام إلى الحد من انتشار هذا النوع من السرطان.
هل سرطان القولون خطير؟
يحصد سرطان الرئة المزيد من الأرواح كل عام، لكن يعد سرطان القولون هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بالسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية.
يموت حوالي ثلث مصابي هذا السرطان في غضون خمس سنوات من التشخيص، وكما هو الحال مع أي سرطان، إذا طالت مدّة التأخير في العلاج زاد الخطر.
ولحسن الحظ، انخفض معدل الوفيات الناتجة عن السرطان مقارنة بالعقود الماضية، ولعل ذلك نتيجة للكشف المبكر والمبادرة في تناول العلاج.
عندما يكون الورم السرطاني محصورًا في البطانة الخارجية للقولون أو المستقيم، فمن المحتمل أن تتماثل للشفاء التام، أما إذا انتشر السرطان إلى عضلات القولون أو المستقيم، فإنك على الأقل لديك فرصة 75% للعيش خمس سنوات أخرى على الأقل.
يعتمد البقاء على قيد الحياة على العديد من العوامل المختلفة، وتشمل هذه العوامل:
- نوع ومرحلة السرطان.
- مستوى اللِّيَاقَة البدنية.
- العلاج السابق.
تشير إحصائيات البقاء على قيد الحياة لكل مرحلة من مراحل سرطان القولون إلى ما يلي:
- الأولى: حوالي 90% من مصابي السرطان يمكنهم النجاة من السرطان لمدة خمس سنوات أو أكثر بعد تشخيصهم.
- الثانية: حوالي 80% من مصابي السرطان سينجون منه لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد تشخيصهم.
- الثالثة: حوالي 70% من مصابي السرطان يمكنهم النجاة من السرطان لمدة خمس سنوات أو أكثر بعد تشخيصهم.
- الرابعة: حوالي 10% فقط من مصابي السرطان سينجون منه لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد تشخيصهم.
حينما ينتشر السرطان في الكبد يؤدي ذلك إلى صعوبة النجاة منه، إلا إذا تمكن الطبيب من إزالة هذا السرطان نهائيًا؛ حينها تصل نسبة النجاة إلى حوالي 40%.
تشخيص سرطان القولون
يستخدم الأطباء العديد من الاختبارات للبحث عن ذلك العرض وتشخيصه، وبالإضافة إلى ذلك أيضًا يلجأ الطبيب إلى عدة اختبارات أخرى لمعرفة ما إذا كان السرطان انتشر إلى جزء آخر من أجزاء الجسم.
بالنسبة لمعظم أنواع السرطانات، فإن الطريقة الوحيدة المؤكدة للطبيب لمعرفة ما إذا كانت منطقة من الجسم مصابة بالسرطان أم لا هي أخذ عينة من الأنسجة وتحليلها معمليًا.
بالإضافة إلى الفحص البدني، يمكن استخدام الاختبارات الآتية لتشخيص هذا العرض:
- اختبار المستقيم: يمكن للطبيب استخدام أصابعه للشعور بنمو الورم.
- منظار القولون: يستخدمه الطبيب لفحص الجزء الأخير من القولون والمستقيم.
- تحليل DNA للبراز: يبحث هذا الاختبار عن تغيرات جينية معينة من المحتمل حدوثها، وتدل على الإصابة بسرطان الأمعاء.
- تصوير القولون بالأشعة المقطعية: تُستخدم الأشعة المقطعية لتحديد ما إذا كان هناك ورمًا أم لا، ولكن إذا أظهر وجود ورم، فستظل بحاجة إلى استخدام منظار القولون.
- فحص القولون بالأشعة الملونة: وذلك باستخدام حقنة الباريوم الشرجية، إذ يمكن للصبغة الملونة العثور على المنطقة المصابة وتحديدها.
- اختبارات التصوير الأخرى: يمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي أو الموجات فوق الصوتية لتشخيص السرطان.
علاج سرطان القولون
تتنوع طرق علاجه، وتشمل هذه الطرق:
- الجراحة
خلال المرحلة الأولى من السرطان، من الراجح أن يتمكن الطبيب من إزالة الخلايا السرطانية وذلك باستخدام الجراحة، أما إذا انتشر السرطان في جدار القولون، فربما يحتاج الطبيب إلى إزالة جزء من القولون مع العقد اللمفاوية المجاورة، مع توصيل الجزء السليم المتبقي من القولون بالمستقيم.
إذا لم يتمكن الطبيب من توصيل القولون بالمستقيم، ربما يلجأ الطبيب إلى عمل فتحة في جدار البطن تخرج من خلالها الفضلات.
- العلاج الكيميائي
تستخدم بعض الأدوية لقتل الخلايا السرطانية المتبقية بعد عملية استئصال القولون، وتشمل هذه الأدوية:
- كابيسيتابين (زيلودا)
- فلورويوراسيل
- أوكساليبلاتين (Eloxatin)
- إرينوتيكان
- الإشعاع
في هذه الطريقة من العلاج يُستخدم شعاعًا قويًا من الطاقة؛ لاستهداف الخلايا السرطانية وتدميرها قبل الجراحة وبعدها، وعادة ما يستخدم العلاج الإشعاعي جنبًا إلى جنب مع العلاج الكيميائي.
استئصال القولون (نسبة نجاح)
تهدف عملية استئصال القولون إلى إزالة القولون كاملًا أو جزءًا منه، كما تُزال أيضًا الغدد اللمفاوية القريبة منه.
وطبقًا لحجم الاستئصال يمكن تقسيم استئصال القولون إلى:
- الاستئصال الجزئي
يعمل الجراح على إخراج جزء من القولون المصاب بالسرطان وجزء آخر من القولون الطبيعي من كلا الجانبين، وعادة ما يُزال حوالي ربع إلى ثلث القولون؛ وذلك اعتمادًا على حجم السرطان وموقعه.
وبالإضافة إلى ذلك يستأصل الطبيب ما لا يقل عن 12 عقدة لمفاوية مجاورة للقولون؛ حتى لا ينتشر أي جزء من أجزاء السرطان من خلالها إلى الجسم.
- الاستئصال الكامل
لا يُستخدم الاستئصال الكامل عادة في حالات سرطان القولون، ولكن يُستخدم غالبًا مع مئات الأورام الحميدة، أو مع مرض التهاب الأمعاء.
تتراوح نسب الشفاء بين حوالي 60-80% في المراحل المبكرة من المرض وذلك بعد استئصال القولون، أما في المراحل المتأخرة أو في حالة ارتداد السرطان مرة أخرى بعد العلاج فتنخفض نسب الشفاء بصورة كبيرة.
وختامًا، علمت الآن -عزيزي القارئ- أن سرطان القولون من أكثر السرطانات المنتشرة بين الناس ولا سيما كبار السن، فينبغي لك المبادرة إلى اكتشافه وعلاجه في أسرع وقت ممكن؛ حتى تتعافى منه سريعًا وتنعم بالصحة والعافية.
اقرأ أيضًا: الغدة الكظرية Adrenal gland .. حقائق لا تعرفها من قبل